]العدوانية لدى الأطفال.. لماذا؟
كانت فكرة (فرويد) تقوم على أن العدوان في أساسه هو باعث غريزة الموت التي تنقلب من الذات عند الشخص إلى الآخرين، عندما تطلقها إحباطات خارجية، وكان فرويد قد خلص إلى نتيجة: أن الإحباط يؤدي إلى العدوان إذ كلما كان الإحباط قوياً، كان الميل إلى العدوان قوياً أيضاً. لكن تلامذة فرويد أعادوا النظر في تعريف كلي للإحباط (ليشمل الإثارة، بالألم الناتجة عن الإهمال الظاهر من جانب الآخرين). وقد جرى اعتراض من قبل العلماء فيما بعد حول حصر العدوانية بالإحباط، ورأوا أن الإحباط يؤدي إلى نتائج عدة وليس بالضرورة إلى العدوانية فقط، فقد يؤدي الإحباط إلى العزلة أو الانسحابية من المجتمع، أو غير ذلك.
ثم إن الإحباط، مع وجود الدافع القوي لبلوغ الهدف، يجعل الفرد يميل إلى العدوانية، ثم تدخل درجة الإعاقة أو التدخل كعاملين هامين في التوجه نحو العدوانية، فقد أجريت تجارب على بعض الأطفال، حيث خصص لهم أحد الأمكنة المليئة بالألعاب، ثم طلب إليهم اختبار هذه الألعاب بعد ذلك بقليل حيل بينهم وبين الوصول إلى هذه الألعاب بسلك معدني، وكانت هذه الألعاب مغرية ومسلية إلى حد بعيد، فما كان من الأطفال إلا أن قاموا بكل الوسائل التي يملكونها بتحطيم الحاجز بغية الوصول إلى الألعاب التي مُنعوا عنها، حتى أن المجرب نفسه هدد بالضرب. ولوحظ أن فئة من هؤلاء الأطفال لم تقاوم المنع ولجأت إلى العزلة والانسحاب من الموقف.
من أجل ذلك ظهر تعريف واسع وشامل للإحباط وهو أكثر قبولاً من سائر التعريفات ويقول التعريف: (الإحباط ظرف ينشأ عن إعاقة سلسلة تصرفات الكائن المعتادة الموجهة نحو بلوغ هدف).
والشخص المحبط يحاول دائماً الاستمرار في النشاط غير الصالح أو غير السليم بدلاً من العمل على المهمة الأصلية. وفي غالب الأحيان يتوجه نظر الطفل المحبط إلى العقاب الذي سيلاقيه من الأهل والمدرسين.
وغالباً ما يكون الإحباط دافعاً قوياً نحو الأفضل، ونحو بذل مزيد من الجهد لرفع هذا الإحباط، فالذي لا يجد طعاماً سيبذل جهداً أكبر من أجل ايجاد البديل وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الدوافع. وكثيراً ما يعبر عن الإحباط بالضحك والمرح وذلك بطريقة تعويضية للتصريف العدواني، وقد يعبر عن الإحباط بالتغابي وعدم الاهتمام على طريقة (نظرية الحصرم الأخضر).
وقد يعبر عن الإحباط بطمس الذات كما يفعل الزنوج في أميركا حيث يتظاهرون بالبله والغباء لخداع الأميركي الأبيض بينما يسخرون في ما بينهم من الأميركيين المخدوعين.
ومن هذه الحالات الإحباطية للجنود الذين يريدون ترك الخدمة العسكرية يتظاهرون بالمرض، أو بالتخلف العقلي، أو ما إلى ذلك من الأسباب الوهمية. ولقد كشفت الدراسات، إن البواعث العدوانية هي جزء من بناء الانسان الغريزي.
ويترافق الإحباط في كثير من الأحيان بالصراخ عند الأطفال ولكن أشارت الدراسات والتجارب على أن الصياح أو الصراخ في الطفولة الأولى هو شكل من أشكال النمو، يلاحظ عند الأطفال الذين ينمون نمواً سليماً، ويكون الصياح قوياً حتى ليكاد يهز أرجاء الجسم بكامله وغالباً ما يكون في هذه المرحلة لسبب الجوع أو الألم، أو بعض المتاعب الداخلية، كالمغص المعوي أو المعدي. ومع نمو الطفل يرق صوته ويقلع تدريجياً عن عادة الصياح إلا في الحالات الصعبة كالألم الجسمي الشديد.